كلمة السيد وزير العدل المستشار هشام الشعار في تخريج الدورة الاولى للمعهد العالي للقضاء :
إن الحياة محطات وتنقلات ومراحل ووقفات وإن الأيام دوال والسعي لا يتوقف ولاينتهي .وكذلك هو ناموس هذا الكون .وأنتم الآن على أعتاب مرحلة جديدة قد شرعت لكم نوافذ النور .وقد أنهيتم التحضير و التدريب والتحصيل ولهذا أقول:
لاتجعلو درب لسانكم على من أنطقكم ولارجاحة عقلكم على من سددكم وتخلقوا بالحلم.
ورحابة الصدر فإنهما المعيار الأساس في بناء شخصية القاضي العادل ،ولايتلجج صدركم بالشك واستعينوا بفضول العلم فإنه سعة لاحدود لها،وأفق لاتعرف نهاية ولايدرك مداه،وإياكم وأن يأخذكم الإباء في عزة الإصرار عما اعتور من رأي أطلقتموه،والإمعان في الغي لعنة لاعود عنها.
والحذر الحذر من سرعة الغضب فإنه ضروب الجنون،أوصيكم بالحلم لأنه السمة الأساس في القاضي الحق، فلامحيد ولامحيص عنها،وأبعدوا القلق مااستطعتم فإنه علة تعتل العقل فلتجم مقدرته،وتغشي صوابيته وتحرف منهجه،وأبعدوا الضجر والتأذي بالناس عند الخصومة فإنهما سمة الظلم المسبق
ومن المفيد أن أذكر لكم أن الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)قد عزل أبي الأسود الدؤلي عن القضاء فجاءه مراجعا يقول :لم عزلتني وماخنت وماجنيت؟
فقال علي :إني رأيتك يعلو كلامك على الخصمين …..
لهذا كله أوصيكم بأن تعوا ثقل الأمانة التي ستلقى على كواهلكم ،وأن تدركوا حجم المسؤليات التي تتصدون لها،ومهالك العبء الذي تحملون،فالقضاء تكليف يستوجب استجماع شروط صعبة نادرة الإلتقاء سوية،كالنزاهة وسعة العلم،وسرعة الفهم،ورحابة الحلم وحضور البديهة ،وحسن السيرة وأدب السلوك ودماثة الأخلاق والتفقه في بحور اللغة لامتطاء ناصية النص ولجم شذوذ المفردات التي تشرد بالغاية والأهداف فيتوه المعنى ويضيع القصد.
أتمنى لكم سيرة حسنة ومستقبلا مشرقا وسمعة عطرة وأن تكونوا أوفياء للعدالة فإن القاضي يوسم بطلائع عمله وبراعم نهجه ويفوح عطر أخباره متى أثمرت بواكير إنجازاته .ألا إن آمالنا كثيرة ،وقد عقدت لكم وزملائكم لكونكم حراس على نصوص القانون أوصياء على فضل العدالة وظلال الله على الأرض.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المعهد العالي للقضاء